هل نحن نشهد ولادة ديكتاتورية إعلامية أم محاولة يائسة لاستعادة السيطرة؟ إن قرار الرئيس لي ببث اجتماعاته الوزارية مباشرة للجمهور، تحت ستار الشفافية، هو في الحقيقة **مناورة سياسية** جريئة تهدف إلى إعادة تشكيل ميزان القوى داخل البيت الحكومي الكوري. هذا التحول الدراماتيكي لا يتعلق بتحسين التواصل؛ بل يتعلق بتجاوز البيروقراطية التقليدية وخلق جبهة ضغط مباشرة على الوزراء.
الحقيقة الخفية: من المستفيد ومن الخاسر؟
السطح الإعلامي يركز على فكرة أن المواطنين يحصلون على معلومات مباشرة. لكن المحللون الذين يتجاهلون **الاستراتيجية السياسية** يخطئون الهدف. المستفيد الأكبر هو الرئيس نفسه، الذي يحوّل الاجتماعات المغلقة إلى مسرح سياسي يمتلك فيه النص والسيناريو. إنه يلغي دور الوسطاء التقليديين، مثل رؤساء الأركان ومستشاريه المقربين، ويضع الوزراء في مواجهة مباشرة مع الرأي العام، مما يضمن ولاءً فورياً أو إحراجاً عاماً.
أما الخاسرون فهم واضحون: **النخبة البيروقراطية** القديمة. هذه الاجتماعات المباشرة تجعل أي تردد أو مقاومة داخلية مرئية وفورية. عندما يضطر وزير ما للدفاع عن سياسة ما تحت الأضواء الكاشفة، فإن سلطته التقديرية تتقلص بشكل كبير. هذا يولد توتراً هائلاً؛ فالوزارات التي كانت تعمل بهدوء خلف الأبواب المغلقة تجد نفسها الآن في قلب عاصفة إعلامية مستمرة. هذا التوتر هو الثمن الحقيقي لـ "الشفافية" الجديدة.
تحليل معمق: تآكل المؤسسات مقابل تركيز السلطة
في تاريخ **الحوكمة الكورية**، كانت هناك دائماً مساحة رمادية تعمل فيها المؤسسات بشكل مستقل. بث هذه الجلسات يقضي على هذه المساحة. إنه ليس مجرد تحديث أسلوبي؛ إنه إعادة هيكلة جذرية للسلطة التنفيذية. الرئيس يرسل رسالة واضحة: لا مكان للاجتهاد أو التسويف عندما يتعلق الأمر بتنفيذ رؤيته. هذا الأسلوب يذكرنا ببعض التكتيكات المستخدمة لكسر جمود الإدارة في فترات الأزمات العميقة، ولكنه يُستخدم هنا كـ **أداة يومية لإدارة الدولة**.
لكن هل هذا الأسلوب مستدام؟ الشفافية المفرطة تولد إرهاقاً لدى الجمهور، كما أنها تدفع الموظفين إلى اتخاذ قرارات سطحية وموجهة نحو الكاميرا بدلاً من القرارات الصعبة طويلة الأمد. يمكنكم الاطلاع على تحليلات سابقة حول تحديات الشفافية في الإدارات الحكومية من مصادر موثوقة مثل (ويكيبيديا حول مفهوم الشفافية الحكومية). إن الضغط المستمر قد يؤدي إلى شلل إبداعي في الوزارات.
توقعات للمستقبل: ماذا سيحدث بعد ذلك؟
نتوقع أن نشهد موجة ثانية من الاستقالات غير المعلنة خلال الأشهر الستة المقبلة. لن تكون استقالات بسبب فشل واضح، بل بسبب الإرهاق من الرقابة الدائمة وعدم القدرة على العمل ضمن إطار زمني إعلامي قصير المدى. الأهم من ذلك، سنرى **صعوداً لنواب الوزراء** الأقل شهرة والأكثر ولاءً، الذين يفضلون العمل في الظل بدلاً من وزرائهم الذين تعرضوا للإحراج العلني. هذا التكتيك سيعزز سيطرة الرئيس، لكنه سيضعف الخبرة المؤسسية العميقة في الحكومة.
الرهان المستقبلي هو ما إذا كان الرئيس سيستخدم هذه السلطة المركزة لإحداث إصلاحات جذرية مطلوبة حقاً، أم أنه سيستخدمها فقط لتصفية الحسابات السياسية الداخلية. إذا فشل في تحقيق إنجازات ملموسة وسريعة، فإن رد الفعل العكسي للجمهور سيكون قاسياً، لأنهم رأوا العملية بأكملها، ولن يقبلوا بالنتائج المتوسطة. للمقارنة، يمكن مراجعة تقارير رويترز حول تأثير الضغط الإعلامي على القرارات التنفيذية.
هذه ليست مجرد أخبار عادية؛ إنها تحول في ممارسة **السلطة التنفيذية** الكورية. تابعوا عن كثب، فالدراما الحقيقية بدأت للتو.