الخطاف: هل نسينا السينما حقاً؟
بينما يتسابق النقاد لتسليط الضوء على أحدث سبعة أفلام تصل إلى منصة نتفليكس في ديسمبر 2025، يغفل الجميع عن السؤال الأهم: لماذا هذه الأفلام بالذات؟ ليست المسألة مجرد 'اختيارات جيدة'، بل هي ساحة معركة استراتيجية تُدار بعيداً عن أعين الجمهور. هذا الشهر لا يقدم ترفيهاً، بل يقدم دروساً قاسية في اقتصاديات البث المباشر وتراجع القوة الناعمة لهوليوود. إذا كنت تبحث عن مراجعات سطحية، فقد أتيت إلى المكان الخطأ. نحن هنا لنتعمق في **أفلام نتفليكس الجديدة** ونكشف عن الخاسرين والفائزين الحقيقيين في هذه الحرب الباردة الجديدة.
اللحم المفروم: ما وراء الكتالوج اللامع
القائمة المعلنة تضم أفلاماً ذات ميزانيات ضخمة وأخرى مستقلة، وهو مزيج يبدو متوازناً. لكن التحليل العميق لـ **أفضل أفلام ديسمبر 2025** يكشف عن أمرين: أولاً، إنفاق نتفليكس الهائل يهدف إلى إبقاء المشتركين بعيداً عن المنافسين (مثل ديزني+ وماكس). ثانياً، هناك تركيز واضح على الأفلام التي فشلت في شباك التذاكر التقليدي، والتي يتم الآن 'إنقاذها' عبر المنصة لتعويض الخسائر. هذا تحول نموذجي: نتفليكس لم تعد مجرد موزع، بل هي 'مقبرة' الأفكار السينمائية غير القابلة للبيع في دور العرض.
من المثير للاهتمام أن نلاحظ غياب بعض الأسماء الكبيرة التي كانت متوقعة. هذا يشير إلى أن الاستوديوهات الكبرى بدأت تستعيد بعضاً من محتواها الحصري، مدركة أن بيع الملكية الفكرية لنتفليكس يضعف علامتها التجارية على المدى الطويل. هذا التكتيك يغير ديناميكية سوق **بث الأفلام** بشكل جذري.
لماذا يهم هذا؟ تحليل القوة الخفية
الرابح الحقيقي هنا ليس المشاهد، بل هو خوارزمية نتفليكس. كل فيلم من هذه القائمة، بغض النظر عن جودته الفنية، هو نقطة بيانات جديدة تُستخدم لصقل محرك التوصيات الخاص بهم. الهدف هو الوصول إلى 'الإدمان الخوارزمي'، حيث يشعر المشترك أنه لا يستطيع العيش دون اشتراكه لأنه لا يعرف ماذا سيشاهد بعد ذلك. هذا هو جوهر استراتيجية الاحتفاظ (Retention Strategy) التي تضمن تدفق الإيرادات الشهرية.
أما الخاسر الأكبر فهو صانع المحتوى المتوسط. الأفلام الممتازة ستجد طريقها إلى المهرجانات أو التوزيع التقليدي، والأفلام الرديئة ستُنسى. لكن الفيلم 'الجيد بما فيه الكفاية' الذي كان يمكن أن يعيش بكرامة في دور السينما المحلية، أصبح الآن مجرد حشو في مكتبة رقمية ضخمة. **استراتيجيات نتفليكس** الجديدة تدفع الصناعة نحو القطبية: إما تحف فنية عالمية أو محتوى سريع الاستهلاك.
التنبؤ: ماذا سيحدث بعد ذلك؟
نتوقع أن نشهد في عام 2026 تحولاً في عروض نتفليكس الترويجية. بدلاً من التركيز على 'الجديد'، ستبدأ المنصة في الترويج لـ 'محتوى مرجعي' (Archival Content) من التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لجذب جيل Z الذي لم يشاهد هذه الكلاسيكيات في وقتها. هذا التكتيك سيقلل الاعتماد على إنتاج محتوى جديد مكلف، مع الحفاظ على جاذبية المكتبة. شاهدوا كيف ستبدأ المنصة في إعادة تدوير نجوم الماضي بأسعار أقل بكثير. هذا هو مستقبل مشاهدة الأفلام عبر الإنترنت: استغلال الماضي لتمويل الحاضر.
لمزيد من التعمق في تأثير المنصات على الإنتاج السينمائي، يمكنكم الاطلاع على تقارير معهد الفيلم الأمريكي (AFI).