WorldNews.Forum

الحقيقة الصادمة: البلوك تشين لن ينقذ الثقة، بل سيعيد توزيع السلطة فقط!

By Zainab Al-Hassan • December 20, 2025

الحقيقة الصادمة: البلوك تشين لن ينقذ الثقة، بل سيعيد توزيع السلطة فقط!

في خضم الضجيج المستمر حول البنية التحتية للبلوك تشين، يتردد مصطلح 'توسيع الثقة' كأنه تعويذة سحرية قادرة على إصلاح الأنظمة المالية المتهالكة. لكن، كم مرة سمعنا هذا الادعاء دون أن نتساءل: من هو الطرف الذي سيستفيد حقًا من هذه 'الثقة' المُوسّعة؟ الحقيقة التي يتجنبها المروجون هي أن البلوك تشين ليس أداة لإنشاء الثقة من العدم، بل هو آلة قوية لإعادة هيكلة من يمتلك السيطرة على البيانات والمعاملات. هذا هو جوهر النقاش الذي أغفله تقرير OMFIF الأخير حول تكنولوجيا البلوك تشين.

التحليل: وهم الثقة اللامركزية

الادعاء الرئيسي هو أن سلاسل الكتل (Blockchain) تزيل الحاجة إلى الوسطاء الموثوقين. هذا صحيح جزئياً. إنها تزيل الوسطاء القدامى (البنوك التقليدية، الحكومات المركزية)، ولكنها تخلق وسطاء جدد، وأكثر خبثاً: عمالقة التعدين، ومطورو البروتوكولات، والمنصات المركزية التي تسيطر على الوصول إلى الشبكات اللامركزية. إنها ليست ثورة ديمقراطية للثقة؛ إنها عملية استبدال النخبة.

عندما نتحدث عن العملات الرقمية، يجب أن ننظر إلى من يمتلك القوة الحسابية اللازمة للتحقق من السجلات. هذا يتطلب استثمارات رأسمالية ضخمة، مما يضع عتبة دخول عالية جداً. الثقة لم تُفقد؛ لقد انتقلت من 'بنك مركزي' إلى 'تجمع تعدين مركزي' أو 'مجموعة من حاملي العملات الكبار' (Whales). هذه النخبة الجديدة هي التي تحدد مصير الشبكة، وليس المستخدم العادي.

لماذا يهم هذا التحول الاقتصادي؟

الأمر لا يتعلق فقط بالمال. إنه يتعلق بالسيادة. الأنظمة المالية التقليدية، رغم عيوبها، تخضع لرقابة تنظيمية (حتى لو كانت ضعيفة). في المقابل، البلوك تشين، في شكله الحالي، يوفر ملاذاً للتهرب التنظيمي. من يفوز؟ الشركات الكبرى التي تستطيع تحمل تكاليف الامتثال المعقدة للتقنيات الجديدة، والجهات التي تسعى لتحويل الأصول إلى بيئة يصعب تتبعها، مما يعرض المستهلك العادي لمخاطر أكبر بكثير من أي وقت مضى. انظر إلى التطورات التنظيمية في الولايات المتحدة وأوروبا؛ إنها محاولة يائسة لإعادة فرض السيطرة على وحش تكنولوجي خرج عن السيطرة. رويترز تتابع هذا الصراع التنظيمي بانتظام.

التنبؤ: المستقبل ليس لامركزياً، بل هجين ومراقب

التوقع الأكثر جرأة هو أننا لن نصل أبداً إلى 'اللامركزية المطلقة' التي يحلم بها المؤمنون الأوائل. ما سيحدث هو **الاندماج القسري**. ستضطر البنوك المركزية إلى إصدار عملاتها الرقمية الخاصة (CBDCs) لتكون منافساً مباشراً للعملات المشفرة الخاصة، مما يضمن بقاء الدولة هي المتحكم النهائي في السيولة. ستصبح البنية التحتية للبلوك تشين مجرد طبقة تقنية أخرى، مثل الإنترنت اليوم، حيث يتم التحكم في المحتوى والوصول إليه من قبل كيانات مركزية (مثل شركات الاتصالات الكبرى أو مزودي الخدمات السحابية). الثقة ستُبنى على 'البروتوكول المعتمد من الدولة'، وليس على الشيفرة المفتوحة.

للتوسع في هذا المفهوم، يمكن قراءة المزيد عن تاريخ وتطور تكنولوجيا السجلات الموزعة على ويكيبيديا لفهم الجذور الأكاديمية للموضوع.

الخلاصة: ما وراء الضجيج

البلوك تشين أداة قوية، لكنها ليست حلاً سحرياً للأخلاق البشرية أو فشل الحوكمة. إنها مجرد تغيير في مسار تدفق القوة. يجب أن نركز على من يكتب الكود، وليس فقط على حقيقة أن الكود موجود. هذا هو الدرس الحقيقي من محاولات 'توسيع الثقة'.