WorldNews.Forum

الحقيقة المخفية وراء 'سعادة الموظف': هل هي مجرد تخدير لزيادة **الإنتاجية** أم ثورة حقيقية؟

By Zainab Al-Hassan • December 15, 2025

هل حقاً السعادة هي العملة الجديدة لزيادة **الإنتاجية**؟ يبدو أن استطلاعات الرأي الحديثة، مثل تلك التي نشرتها مجلة Facilitate، تصر على هذا الربط البديهي: الموظف السعيد يساوي موظفاً أكثر إنتاجية. هذا ليس خبراً، بل هو إعادة تدوير لحكمة قديمة. لكن في خضم هذا الاحتفاء بـ'الصحة العاطفية في العمل'، يغيب عن النقاش السؤال الأكثر إلحاحاً: **من المستفيد حقاً من هذه السعادة المُصطنعة؟**

اللحم: تحليل 'السعادة الإلزامية'

البيانات التي تربط الرضا الوظيفي بالأداء الكمي ليست مفاجئة. عندما يشعر الموظف بالتقدير، ويحظى ببيئة عمل داعمة، فمن الطبيعي أن يبذل جهداً أكبر. لكن هنا يكمن الفخ. الشركات الكبرى لا تستثمر في 'السعادة' من أجل رفاهية الموظف؛ بل تستثمر فيها كأداة فائقة التطور لزيادة **الإنتاجية** وتقليل تكاليف دوران العمالة. إنها استراتيجية رأسمالية ذكية، وليست عملاً خيرياً.

التحليل العميق يكشف أن التركيز المفرط على 'السعادة' قد يكون وسيلة للتهرب من معالجة المشكلات الهيكلية الأساسية: الأجور المنخفضة، ساعات العمل المفرطة، أو الضغط الإداري غير المعقول. إذا استطعت أن تجعل الموظف 'سعيداً' بما يكفي ليتجاهل حقيقة أنه يعمل بأجر أقل من قيمته، فقد حققت هدفك دون الحاجة لرفع الرواتب. إنها عملية **تكييف نفسي** أكثر منها تحسين لجودة الحياة.

لماذا يهم هذا التحليل؟ (الخفية وراء الكواليس)

الخطر الحقيقي يكمن في تحويل 'السعادة' إلى مقياس أداء جديد. عندما تصبح السعادة هدفاً قابلاً للقياس (KPI)، فإنها تفقد معناها الإنساني وتتحول إلى التزام. الموظفون الذين يعانون داخلياً ولكنهم يبتسمون في اجتماعات الشركة قد يظهرون 'سعداء' على الورق، لكنهم في الحقيقة يعانون من إجهاد عاطفي هائل (Emotional Labor). هذا الإجهاد هو **الخسارة الصامتة** التي لا تظهر في تقارير **الإنتاجية** إلا بعد فوات الأوان على شكل إرهاق مزمن أو استقالات غير متوقعة.

هذا الاتجاه يشير إلى تحول في مفهوم الإدارة؛ من إدارة الموارد إلى إدارة المشاعر. هذا يثير قضايا أخلاقية خطيرة حول خصوصية الموظف وحدوده الشخصية. (يمكن الاطلاع على بعض الاعتبارات الأخلاقية في العمل الحديث عبر دراسات متعمقة مثل تلك التي تنشرها مؤسسات بحثية مرموقة مثل رويترز).

ماذا سيحدث بعد ذلك؟ التنبؤ الجريء

في المستقبل القريب، لن يكون التركيز على 'السعادة' بل على 'المرونة النفسية' (Resilience). الشركات ستدرك أن الحفاظ على مستوى عالٍ من السعادة أمر مكلف وغير مستدام في ظل الاضطرابات الاقتصادية. التوجه القادم سيكون نحو بناء فرق تتحمل الصدمات وتستعيد توازنها بسرعة، حتى لو لم تكن 'سعيدة' طوال الوقت. سنرى برامج تدريب تركز على **القدرة على التكيف** مع بيئات العمل المتقلبة، بدلاً من محاولات يائسة لضمان الابتسامة الدائمة. هذا التحول سيضع عبئاً أكبر على الموظف لتحمل تقلبات السوق بنفسه.

إن محاولات قياس السعادة هي محاولات لقياس الروح المعنوية، وهي عملية تتطلب شفافية حقيقية في الأجور والمسار الوظيفي، وليس مجرد جلسات يوغا في المكتب. (للمزيد حول اقتصاديات العمل، يمكن مراجعة تحليلات نيويورك تايمز).

إذا استمرت الشركات في تجاهل المطالب الهيكلية، فإن موجة 'السعادة' الحالية ستنتهي بـ'تمرد الصمت'، حيث يقلل الموظفون من إنتاجهم دون استقالة، وهي ظاهرة تعرف بـ'الاستقالة الصامتة' أو 'Quiet Quitting'. هذا التحدي يواجه كافة قطاعات **الإنتاجية** العالمية. (يمكن التعمق في مفهوم الاستقالة الصامتة عبر مصادر أكاديمية مثل ويكيبيديا).