الخطاف: هل النشاط المناخي مجرد مسرحية لخدمة مصالح كبرى؟
في خضم الضجيج المستمر حول النشاط المناخي، والاحتجاجات التي تشل المدن الكبرى، يغيب السؤال الأهم عن الأذهان: من هو المستفيد الفعلي من هذا الاضطراب؟ الجميع يتحدث عن إنقاذ الكوكب، لكن القلة فقط يجرؤون على تحليل الأجندات الاقتصادية والسياسية الكامنة خلف رفع الشعارات. هذا ليس مجرد صراع بين الشباب والشركات؛ إنها إعادة توزيع للقوة. دراسات مثل تلك التي أجراها برنامج ييل للتواصل حول المناخ (Yale Program on Climate Change Communication) ترسم خريطة للتأثير، لكنها تتجاهل الخوارزمية التي تحرك كل شيء.
اللحم: التحليل غير المريح لتأثير النشاط
الرأي السائد هو أن الضغط الشعبي يجبر الحكومات والشركات على التحول الأخضر. هذا صحيح جزئياً. لكن الحقيقة الأكثر قسوة هي أن هذا النشاط يخدم بشكل مثالي أولئك الذين يملكون بالفعل القدرة على بناء البدائل. عندما تضغط الاحتجاجات على قطاع الطاقة التقليدية، فإنها تمنح دفعة هائلة لشركات الطاقة المتجددة العملاقة التي تمتلك رأس المال اللازم للتوسع السريع. إنها ليست معركة بين 'الخير والشر'، بل هي منافسة بين 'القديم والجديد' في الرأسمالية.
من يخسر فعلياً؟ ليس بالضرورة عمالقة النفط الذين يملكون محافظ احتياطية ضخمة، بل الشركات الصغيرة والمتوسطة التي لا تستطيع تحمل تكاليف التحول التنظيمي السريع. النشاط المناخي، في كثير من الأحيان، يصبح أداة 'لإزالة المنافسين' غير القادرين على مواكبة الموجة التنظيمية الجديدة. انظر إلى أرقام الاستثمار؛ التمويل يتجه نحو الكبار القادرين على تلبية المتطلبات البيئية الجديدة بسرعة فائقة. (يمكنك مراجعة تقارير وكالة رويترز حول تدفقات الاستثمار الأخضر).
لماذا يهم: إعادة تشكيل السردية الاقتصادية
التحليل العميق يكشف أن التغيير الثقافي الذي يغذيه النشاط يغير سلوك المستهلك، ولكن الأهم هو سلوك المستثمر. المستثمرون المؤسسيون يهربون من الأصول التي تحمل 'وصمة الكربون'، مما يقلل من قيمة أسهم الشركات الملوثة بشكل مصطنع، بغض النظر عن أدائها الاقتصادي الفعلي على المدى القصير. هذا التقييم المسبق للمخاطر (De-risking) هو سلاح أقوى من أي مظاهرة. إنه يغير تكلفة رأس المال.
الخاسر الأكبر هو المواطن العادي الذي يدفع الثمن مضاعفاً: ضرائب أعلى لتمويل التحول، وتضخم في أسعار الطاقة بسبب إغلاق المصادر الموثوقة قبل أن تكون البدائل جاهزة بالكامل. (للمقارنة، تحقق من تحليل التضخم في نيويورك تايمز).
التوقع: ماذا سيحدث بعد ذلك؟
أتوقع أننا سنشهد تحولاً من النشاط المناخي السطحي (مثل إغلاق الطرق) إلى 'النشاط المؤسسي' الأكثر دهاءً. ستستوعب الشركات الكبرى الرسائل وتوظفها كأدوات تسويقية (Greenwashing) بينما تستمر في الضغط على الحكومات لتوفير إعفاءات ضريبية ضخمة للتحول. الاحتجاجات ستصبح أقل فعالية لأنها ستُصنَّف كـ'إزعاج عام' بدلاً من 'صوت الشعب'. القوة الحقيقية ستنتقل إلى جماعات الضغط التكنولوجية والمالية التي تسيطر على سلاسل إمداد الطاقة النظيفة. انظر إلى هيمنة الصين على المعادن النادرة؛ هذا هو الصراع الحقيقي القادم. (للمزيد حول صراع المعادن، يمكن الرجوع إلى ويكيبيديا).
الصورة المرفقة، التي يبدو أنها خريطة لتأثيرات النشاط، هي مجرد لقطة ثابتة لعملية ديناميكية تتلاعب بها القوى الكبرى. **النشاط المناخي** هو أداة، والسؤال هو: من يمسك بالمقبض؟