WorldNews.Forum

الحقيقة المرة: أرباح إنتاجية الذكاء الاصطناعي في البنوك الكبرى - من يدفع الثمن الحقيقي؟

By Khalid Al-Rahman • December 15, 2025

الخطاف: وهم الكفاءة الخوارزمية

بينما تتسابق عمالقة وول ستريت – جيه بي مورجان (JPMorgan)، وويلز فارجو، وسيتي جروب، وبنك أوف أمريكا – للإعلان عن مكاسب هائلة في إنتاجية الذكاء الاصطناعي، يغفل الجميع عن السؤال الأكثر إلحاحاً: لمن تُحتسب هذه المكاسب حقاً؟ الأخبار السطحية تتحدث عن تقارير مالية مبهرة تعتمد على خوارزميات جديدة. لكن التحليل العميق يكشف أن هذه القفزة في الإنتاجية المصرفية ليست مجرد تحديث تقني؛ إنها إعادة هيكلة جذرية للقوة العاملة والقيمة المضافة في القطاع المالي بأكمله. **الإنتاجية** هنا ليست مجرد رقم، بل هي مؤشر على تحول تاريخي.

البيانات تشير إلى أن البنوك الأربعة الكبرى قد حققت قفزات غير مسبوقة في معالجة البيانات، والامتثال التنظيمي، وحتى في خدمة العملاء الأساسية بفضل نماذج اللغة الكبيرة (LLMs). هذا هو الجانب المشرق الذي تروج له الإدارة العليا. ومع ذلك، فإن الحقيقة التي يتم التعتيم عليها هي أن هذا النجاح يُترجم مباشرة إلى تقليص الحاجة إلى آلاف الموظفين ذوي الياقات البيضاء، خاصة في وظائف التشغيل الخلفي والتحليل الأولي. إنها ليست زيادة في قدرة الموظف الحالي، بل استبدال له.

اللحم: من يفوز حقاً في سباق الذكاء الاصطناعي؟

الرابحون واضحون: المساهمون وحاملو الأسهم. عندما تقل تكاليف العمالة وتزداد سرعة المعاملات، ترتفع هوامش الربح بشكل صاروخي. هذا هو هدف الرأسمالية الحديثة. لكن يجب أن ننظر إلى الصورة الأوسع: **الذكاء الاصطناعي** يعزز مركزية القوة بشكل لم يسبق له مثيل. البنوك التي تستطيع تحمل تكلفة تطوير ونشر أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة (مثل تلك التي تستخدمها رويترز في تقاريرها التحليلية) ستصبح أكثر هيمنة، مما يخنق المنافسة من المؤسسات الأصغر التي لا تستطيع مواكبة هذا الإنفاق الرأسمالي الهائل على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي.

الخاسرون هم الموظفون المتوسطون والمهنيون الذين كانوا يعتمدون على العمليات المعرفية القابلة للأتمتة. نحن نشهد بداية موجة تسريح غير مرئية؛ لا إعلانات مفاجئة، بل تجميد للتوظيف وتغييرات تدريجية في الهياكل التنظيمية. هذه ليست مجرد وظائف يتم نقلها إلى الخارج؛ إنها وظائف تختفي تماماً تحت طبقة من السيليكون والبيانات.

لماذا يهم هذا: تآكل الثقة والخدمات المصرفية

التحليل العميق يشير إلى تآكل أعمق: الثقة. الخدمات المصرفية الأمريكية مبنية على علاقة شخصية (وإن كانت سطحية أحياناً) بين العميل والمؤسسة. عندما يتم استبدال مستشار الائتمان أو مسؤول الامتثال بروبوت متقدم، فإن جودة الخدمة قد تتحسن من حيث السرعة، لكنها تتدهور من حيث المسؤولية والتعاطف البشري. هذا يمثل خطراً على استقرار النظام المالي على المدى الطويل. هل سنثق بقرار ائتماني حاسم إذا لم يكن هناك إنسان يمكن مساءلته؟

هذا التحول يذكرنا بالثورات الصناعية السابقة، لكن بوتيرة أسرع بكثير. في الماضي، كان العمال ينتقلون من الزراعة إلى المصانع. اليوم، يتم نقل المهارات المعرفية من البشر إلى الآلة. يجب أن نراقب كيف ستتعامل الهيئات التنظيمية مع مسألة **مساءلة الذكاء الاصطناعي** في القرارات المالية الكبرى. (للمزيد عن تأثير التكنولوجيا على التنظيم، يمكن الاطلاع على نيويورك تايمز).

ماذا بعد؟ التنبؤ الجريء

التنبؤ: بحلول نهاية عام 2026، لن تتنافس البنوك الكبرى على جذب أفضل المواهب البشرية في التحليل المالي، بل ستتنافس على جذب أفضل مهندسي تعلم الآلة وعلماء البيانات لديهم. سيؤدي هذا إلى انقسام حاد بين البنوك «القديمة» التي تحاول دمج الذكاء الاصطناعي بشكل تدريجي، والبنوك «الجديدة» (مثل تلك التي بدأت رقمياً) التي ستتجاوزهم بسهولة. سنرى عمليات استحواذ ضخمة تركز على الاستحواذ على مهارات الذكاء الاصطناعي وليس على قاعدة العملاء التقليدية. المؤسسات التي تفتقر إلى رأس مال كافٍ لتطوير نماذجها الخاصة ستضطر إما إلى التخصص في قطاعات هامشية أو الاندماج مع عمالقة التكنولوجيا المالية (FinTechs).

الخلاصة: نقاط حاسمة

1. **التركيز على الهوامش:** المكاسب الحقيقية لـ AI تذهب مباشرة إلى أرباح المساهمين عبر خفض تكاليف التشغيل البشرية.

2. **هجرة الوظائف غير المرئية:** التسريح يتم بهدوء عبر تجميد التوظيف وإعادة هيكلة المهام، وليس عبر إعلانات فصل جماعية.

3. **مركزية القوة:** الذكاء الاصطناعي يعزز هيمنة البنوك الأكبر التي تستطيع تحمل تكاليف التطوير الأولية.

4. **أزمة المساءلة:** الحاجة الملحة لتنظيم من يتحمل المسؤولية القانونية عند وقوع خطأ خوارزمي.