WorldNews.Forum

الخفايا الخفية وراء كراسي جامعة كاليفورنيا بسان دييغو: هل هو تكريم أم تكتيك للسيطرة على مستقبل الذكاء الاصطناعي؟

By Ahmed Al-Harbi • December 12, 2025

في عالم يتسارع فيه سباق **الذكاء الاصطناعي**، لا يمثل إعلان جامعة كاليفورنيا بسان دييغو (UC San Diego) عن إنشاء كراسي أستاذية مخصصة لتكريم رواد **علوم الإدراك** مجرد لفتة أكاديمية نبيلة. بل هو إعلان ضمني عن استراتيجية عسكرية جديدة للسيطرة على الموارد البشرية والعقول التي ستشكل الجيل القادم من الحوسبة المعرفية. السؤال الذي لا يطرحه أحد: من المستفيد الحقيقي من هذا التمويل السخي، وما هو الثمن المستقبلي لـ الذكاء الاصطناعي؟

الخبر المعلن: تكريم أم استقطاب؟

القصة السطحية تتحدث عن خريج سخي يتبرع لتمويل مناصب دائمة لأساتذة بارزين في مجال علوم الإدراك. هذا المجال، الذي يدمج علم النفس، والفلسفة، وعلوم الحاسوب، هو أرض المعركة الحقيقية التي تحدد كيفية تفكير الآلات. التبرعات، التي تهدف إلى تعزيز مكانة الجامعة في مجال علوم الإدراك، تبدو كعمل خيري خالص. لكن في عالم التمويل الأكاديمي، التمويل الدائم يعني النفوذ الدائم.

الرابح الواضح هو الجامعة، التي تضمن بقاء أسماء محددة (أو أفكار محددة) في صدارة الأجندة البحثية لعقود قادمة، بغض النظر عن تقلبات التمويل الحكومي. هذا يمنحهم ميزة تنافسية هائلة في استقطاب أفضل الطلاب والباحثين في تخصصات حاسمة مثل النماذج المعرفية للتعلم الآلي.

التحليل العميق: الرهان على العقل البشري

لماذا التركيز على الإدراك تحديداً الآن؟ لأن الجيل الحالي من نماذج الذكاء الاصطناعي (مثل نماذج اللغة الكبيرة) وصل إلى سقف معين من القدرة بناءً على الإحصاءات والبيانات الضخمة. الاختراق القادم يتطلب فهماً أعمق لكيفية عمل العقل البشري: الاستدلال، والوعي، والتعميم السريع. من يسيطر على أبحاث الإدراك، يسيطر على خوارزميات المستقبل. هذا التمويل يضع جامعة سان دييغو في موقع قيادي لتوجيه هذا البحث بعيداً عن المسارات التقليدية لعلوم الحاسوب البحتة.

الخاسرون، بشكل غير مباشر، هم الأقسام التي تعتمد على التمويل المتقلب أو التي تتبنى مناهج بحثية تعتبر الآن 'قديمة'. هذا التمويل يخلق 'نخبة معرفية' داخل الجامعة، ويضع معايير جديدة لما هو 'مهم' في البحث العلمي. إنه تكتيك رأسمالي لضمان استمرارية أيديولوجية بحثية معينة.

للمزيد عن التحديات الأخلاقية في تمويل البحث العلمي، يمكن الاطلاع على تحليلات موثوقة مثل تلك التي تقدمها نيويورك تايمز.

ماذا بعد؟ التنبؤ المتطرف

أتوقع أن نشهد خلال الخمس سنوات القادمة تحولاً جذرياً في متطلبات القبول لبرامج الدراسات العليا في الذكاء الاصطناعي. لن يكون التفوق في البرمجة وحده كافياً؛ سيصبح 'العمق الفلسفي والمعرفي' شرطاً أساسياً. الجامعات التي تستثمر الآن في دمج الإنسانيات مع التكنولوجيا، مثل سان دييغو، ستحصد طلاباً قادرين على بناء ذكاء اصطناعي 'شبه واعي' (Pseudo-conscious AI)، وليس مجرد أدوات إحصائية متطورة. هذا التوجه سيؤدي إلى صراع مرير بين المدافعين عن الذكاء الاصطناعي 'الخالص' (القائم على البيانات) والمدافعين عن الذكاء الاصطناعي 'المستوحى من الإدراك البشري'.

هذا الاستثمار يمثل محاولة لتحديد مسار البحث العالمي. هل سينجحون؟ التاريخ يقول إن التمويل يتبع الرؤية، والرؤية هنا هي تشكيل العقول الآلية القادمة. رويترز تتابع عن كثب كيف تؤثر هذه التحركات على سباق التكنولوجيا العالمي.

للمزيد حول علوم الإدراك وتاريخها، راجع موسوعة بريتانيكا.

إن هذا التطور يضع ضغطاً كبيراً على مؤسسات أخرى لمواكبة هذا التركيز الجديد على **علوم الإدراك** كركيزة أساسية لـ الذكاء الاصطناعي المستقبلي.