WorldNews.Forum

السر المظلم وراء حظر إعلانات القضايا الاجتماعية في أوروبا: من يربح حقاً من صمت ميتا؟

By Fatima Al-Harbi • December 8, 2025

الخطاف: صمت مُدبَّر أم هروب تكتيكي؟

هل نشهد نهاية عصر التعبئة الرقمية للقضايا الاجتماعية في أوروبا، أم أننا أمام **مناورة استراتيجية كبرى**؟ قرار شركة ميتا (فيسبوك وإنستغرام) بإنهاء عرض الإعلانات المتعلقة بـ**القضايا الاجتماعية** و**الإعلانات السياسية** في الاتحاد الأوروبي، استجابة للتشريعات الأوروبية القادمة، يبدو للوهلة الأولى وكأنه امتثال للقانون. لكن التحليل العميق يشي بقصة مختلفة تماماً. نحن لا نتحدث عن مجرد تغيير في سياسة إعلانية؛ نحن نتحدث عن **إعادة تشكيل ساحة النقاش العام** في واحدة من أهم الكتل الاقتصادية في العالم. هذا التحول، الذي يقع في قلب الجدل حول **تنظيم المنصات الرقمية**، يخفي رابحين وخاسرين قد لا يتوقعهم الجمهور.

اللحم: تحليل قرار ميتا المثير للجدل

القرار جاء كاستجابة مباشرة لقانون الخدمات الرقمية (DSA) المتوقع، والذي يهدف إلى فرض شفافية غير مسبوقة على كيفية استهداف الإعلانات، خاصة تلك التي تلامس **القضايا الاجتماعية** الحساسة. لكن لماذا هذا التوقيت وهذا النطاق؟ الحقيقة التي يتجاهلها الكثيرون هي أن الإعلانات الاجتماعية، رغم أنها تبدو ديمقراطية، كانت تمثل صداعاً تنظيمياً ومالياً ضخماً لشركات التكنولوجيا الكبرى. كانت هذه الإعلانات عرضة للتدقيق المستمر بشأن التضليل والتحيز، مما يعرض منصات مثل فيسبوك لغرامات هائلة. **الرابح الأول** ليس المواطن الأوروبي الباحث عن الشفافية، بل هو ميتا نفسها. بانسحابها الطوعي من هذا المربع الشائك، تتجنب الشركة المعركة القانونية المكلفة وتضع الكرة في ملعب المشرعين. إنها صفقة 'نحن ننسحب من المجال الخطير لتجنب العقوبة، لكننا نؤكد سيطرتنا على البنية التحتية للإعلان ككل'. هذا يمثل **هروباً تكتيكياً** من المسؤولية المباشرة عن محتوى طرف ثالث.

لماذا يهم هذا: السيطرة على السردية

الخاسر الحقيقي هنا هو **الحركات الشعبية والمجتمعية** التي اعتمدت بشكل كبير على الاستهداف الدقيق لإعلانات القضايا الاجتماعية للوصول إلى فئات محددة. كيف سيتم تنظيم **حملات التوعية** الصحية أو البيئية المعقدة دون القدرة على استهداف دقيق؟ المنصات الأخرى، التي قد تكون أقل خضوعاً للتدقيق أو التي تتبنى نماذج إعلانية مختلفة، ستستفيد من هذا الفراغ. هذا يفتح الباب أمام **تمركز القوة الإعلامية** في أيدي جهات أقل شفافية أو أكثر اعتماداً على وسائل الإعلام التقليدية، مما يقوض قوة الإعلام البديل الذي ازدهر بفضل الإعلانات المستهدفة.

التوقع: ماذا يحدث بعد ذلك؟

أتوقع أن نشهد **تحولاً جذرياً في تمويل النشاط المدني الأوروبي** خلال الـ 18 شهراً القادمة. ستضطر المنظمات غير الربحية إلى إعادة توجيه ميزانياتها الضخمة من الإعلانات الرقمية إلى أساليب قديمة ولكنها أكثر أماناً قانونياً، مثل التسويق المباشر والفعاليات الميدانية. والأهم من ذلك، ستبدأ ميتا في **الضغط غير المباشر** لإقناع الحكومات الأوروبية بأن تنظيم الإعلانات السياسية والاجتماعية يضر بالديمقراطية نفسها، مما يمهد الطريق لعودة هذه الإعلانات بشروط أكثر ليونة لصالحها مستقبلاً. إنها معركة قانونية طويلة الأمد، وليست مجرد نهاية خدمة.