WorldNews.Forum

خزائن طعام مجانية: هل هي حل جذري أم مجرد ضمادة تجميلية على جرح الفقر؟

By Salma Al-Kaabi • December 15, 2025

الخطاف: وهم الإحسان في زمن الأزمة

بينما تتسابق وسائل الإعلام لتسليط الضوء على قصة المراهق الذي قام بتركيب **خزائن طعام مجانية** مستقلة، يغفل الجميع عن السؤال الأكثر إلحاحاً: لماذا نحتاج إلى هذه الحلول المؤقتة في المقام الأول؟ تبدو هذه المبادرات، مثل تلك التي ظهرت في بيرلينجتون، كإيماءة نبيلة من المجتمع المدني، لكنها في جوهرها تكشف عن فشل هيكلي أعمق. **الأمن الغذائي** أصبح رفاهية، وليس حقاً أساسياً.

القصة تتحدث عن شاب يسعى للتخفيف من وطأة الجوع عبر إنشاء هياكل بسيطة لتوزيع الغذاء. هذا الفعل يستحق التقدير على المستوى الإنساني، لكننا هنا لنتحدث عن الأرقام والسياسات. هذه الخزائن، التي قد تظهر كرمز للأمل، هي في الواقع دليل على أن شبكات الأمان الاجتماعي الرسمية قد تآكلت إلى درجة أن الاعتماد أصبح على 'الخير العابر' للأفراد. معدلات التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة تجعل من **المساعدة الغذائية** ضرورة يومية لشرائح متزايدة من السكان، وليس مجرد استثناء.

اللحم: تحليل التكلفة الخفية للمبادرات الشعبية

المبادرة تبدو رائعة: طعام متاح للجميع دون أسئلة. لكن من المستفيد الحقيقي؟ بالتأكيد، المحتاجون يحصلون على وجبة اليوم. لكن المستفيد الأكبر قد يكون النظام نفسه. عندما يتولى المواطنون مسؤولية سد الفجوات التي يجب أن تعالجها الحكومة أو المؤسسات الكبرى، فإن ذلك يخلق 'إلهاءً إيجابياً'. يصبح الرأي العام أقل ضغطاً على صناع القرار للمطالبة بإصلاحات جذرية في سوق العمل أو برامج دعم الدخل. إنها **المساعدة الغذائية** في أنقى صورها، لكنها تعمل كـ'صمام أمان' يمنع الانفجار الاجتماعي.

في زاوية أخرى، هل هذه الخزائن مستدامة؟ الإجابة تقريباً لا. الاعتماد على تبرعات غير منتظمة يعني أن محتوى الخزانة يتأرجح بين وفرة مفاجئة ونقص كارثي. هذا التذبذب يضيف طبقة من القلق وعدم اليقين إلى حياة من هم بالفعل في وضع صعب. (يمكن مقارنة هذا بالعمل الخيري المنظم، مثلاً، عبر مراجعة لعمليات بنوك الطعام الكبرى [https://www.feedingamerica.org/](https://www.feedingamerica.org/)).

لماذا يهم هذا: كشف الأجندة الخفية

الأجندة الخفية هنا هي 'خصخصة الإغاثة'. نرى تحولاً بطيئاً حيث يُنظر إلى توفير الطعام الأساسي كمسؤولية مجتمعية تطوعية بدلاً من التزام حكومي. عندما يحتفل الإعلام بـ'بطل محلي'، فإنه يرسل رسالة ضمنية مفادها: 'لا تنتظروا الحكومة، افعلوا شيئاً بأنفسكم'. هذا يصب في مصلحة أولئك الذين يفضلون تقليص الإنفاق الاجتماعي. إنها استراتيجية قديمة: إظهار أن الحلول الصغيرة والجهود الفردية كافية، وبالتالي تبرير التقاعس عن الإصلاحات الكبيرة التي تتطلب استثماراً ضخماً في **الأمن الغذائي**.

يجب أن ننظر إلى هذه الخزائن كأعراض لمرض اقتصادي، وليس كعلاج. إنها صورة مصغرة للفشل في ضمان أن العمل الشاق يؤدي إلى حياة كريمة. (للمزيد عن التفاوت الاقتصادي، يمكن الرجوع لتحليلات صندوق النقد الدولي [https://www.imf.org/](https://www.imf.org/)).

التنبؤ: ماذا بعد ذلك؟

نتوقع أن نشهد موجة من هذه المبادرات الفردية، خاصة مع استمرار الضغوط التضخمية. لكن التحدي الحقيقي سيظهر في الشتاء أو خلال الأزمات المفاجئة. هذه الخزائن ستصبح إما أهدافاً للسرقة أو ستُهجر بسبب نقص المتطوعين. التنبؤ الجريء هو: ستظهر حركة مضادة تطالب بتنظيم هذه المبادرات بشكل مركزي، أو الأسوأ، ستتحول إلى ساحات صراع سياسي حول من يملك الحق في 'إدارة' العوز. لن يحل هذا المشكلة ما لم يُصاحبه رفع الحد الأدنى للأجور أو تدخل حكومي حقيقي يضمن **الأمن الغذائي** للجميع (راجع الإحصائيات العالمية حول الفقر [https://www.worldbank.org/](https://www.worldbank.org/)).

صورة التقرير