هل نحن حقًا أمام ثورة في ريادة الأعمال النسائية، أم مجرد تجميل سطحي للواقع الاقتصادي المعقد في البلقان؟ معرض ريادة الأعمال النسائية 2025، الذي ترعاه هيئة الأمم المتحدة للمرأة، يَعِد بتوسيع الفرص للسيدات في البوسنة والهرسك وكوسوفو. لكن السؤال الذي يتجاهله الجميع هو: ما هو الثمن الحقيقي لهذا الدعم، ومن هي الجهة التي تجني الفائدة الأكبر من هذا التدفق الجديد لـ رأس المال الاجتماعي؟
الخبر السطحي يتحدث عن الإلهام والتمكين. لكن كمحلل اقتصادي، أرى أن هذا الحدث هو نقطة التقاء حاسمة بين الحاجة الملحة للتمويل الغربي والبحث عن استقرار سياسي ناعم في منطقة تاريخيًا مضطربة. إن التركيز على ريادة الأعمال النسائية هنا ليس مجرد مسألة عدالة اجتماعية؛ إنه استراتيجية جيوسياسية لـ "تثبيت" المجتمعات عبر تمكين الطبقة الوسطى الجديدة.
التحليل العميق: من المستفيد الحقيقي؟
عندما نتحدث عن توسيع الفرص، يجب أن نسأل: الفرص لأي نوع من الأعمال؟ غالبًا ما يركز هذا النوع من المبادرات على المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر (MSMEs)، وهي ضرورية، لكنها نادرًا ما تحقق النمو الهيكلي المطلوب لتغيير ميزان القوى الاقتصادي. الرابح الأكبر ليس بالضرورة رائدة الأعمال الفردية، بل هو المؤسسات الداعمة نفسها، التي تضمن تدفقًا مستمرًا للمساعدات والبرامج التنموية. هذا يخلق نوعًا من الاعتمادية البرمجية، وليس الاستقلال الاقتصادي الكامل.
في البوسنة والهرسك وكوسوفو، حيث لا يزال الفساد يمثل تحديًا هيكليًا، فإن التركيز على **التمكين الاقتصادي للمرأة** يمثل أحيانًا طريقًا أسهل لتمرير التمويل مقارنة بالتعامل مع البنية الحكومية المعقدة. هذا يمنح المنظمات الدولية نفوذًا غير مباشر على توجهات السوق المحلية. هل هذا سيئ؟ ليس بالضرورة، لكنه يغير ديناميكيات السوق بطرق غير معلنة.
لماذا يهم هذا التوسع الآن؟ (تحليل جيواقتصادي)
البلقان حاليًا في مفترق طرق بين التكامل الأوروبي والجمود الداخلي. إن تمكين **ريادة الأعمال** النسائية هو تكتيك فعال لخلق مجتمعات أكثر مرونة اقتصاديًا، مما يقلل من جاذبية الهجرة (نزيف العقول) ويوفر قاعدة مستقرة للشركات الأوروبية الراغبة في الاستثمار. إنه استثمار في الاستقرار الاجتماعي طويل الأمد. هذا يتجاوز مجرد إحصائيات التوظيف؛ إنه يتعلق ببناء شبكات ثقة اجتماعية جديدة. يمكن الاطلاع على تحليل أعمق لتحديات اقتصاديات البلقان هنا: رويترز.
ماذا يحدث بعد ذلك؟ تنبؤات جريئة
تنبؤي هو أننا سنشهد موجة أولية من النجاحات البراقة (التي ستتصدر عناوين الأخبار)، تليها مرحلة "تصفية» قاسية بعد عامين. الشركات التي ستصمد هي تلك التي تستغل الدعم الأولي ليس فقط للنمو، بل للتحول الرقمي السريع والوصول إلى أسواق التصدير خارج نطاق الدعم المباشر. الشركات التي تعتمد فقط على الأسواق المحلية أو الدعم المستمر ستواجه صعوبات كبيرة. إن المنافسة الحقيقية قادمة من الشركات الناشئة التي نجحت في دمج التقنيات الحديثة بشكل جذري. للمزيد حول دور التقنية في الأسواق الناشئة، راجع تحليلات نيويورك تايمز.
المفتاح لنجاح هؤلاء الرائدات هو الابتعاد عن نموذج "المشروع الصغير المدعوم" والانتقال إلى نموذج الشركات القابلة للتوسع عالميًا. هذا يتطلب عقلية مختلفة تمامًا عن تلك التي يغذيها الدعم التقليدي. **ريادة الأعمال** في هذه المنطقة هي سباق ماراثون، وليس سباق سرعة قصير الأمد.
الخلاصة: الإيجابيات والتحذيرات
على الرغم من الشكوك الاستراتيجية، فإن ضخ الطاقة ورأس المال في أي قطاع اقتصادي هو أمر إيجابي. لكن على الرائدات أن يدركن أن هذا الدعم هو مجرد جسر، وليس وجهة. يجب استغلاله لبناء أساسات صلبة تتجاوز فترة صلاحية البرامج التنموية. يمكن فهم أهمية دور المرأة في الاقتصاد العالمي عبر أبحاث البنك الدولي.