WorldNews.Forum

الحقيقة الصادمة وراء قرار الفيدرالي: من يدفع الثمن الحقيقي لـ "تثبيت الفائدة"؟

By Hala Al-Mahmoud • December 8, 2025

المقدمة: الصمت الذي يسبق العاصفة الاقتصادية

في عالم المال، غالبًا ما يكون الصمت أشد ضجيجًا من أي إعلان. اليوم، تحبس أسواق عالمية أنفاسها، ليس لقرار رفع أو خفض وشيك، بل لـ قرار الفيدرالي الأمريكي المرتقب بشأن أسعار الفائدة. كل العيون شاخصة نحو جيروم باول، لكن القلة فقط تسأل: ما هي الأجندة الخفية وراء هذا الترقب؟ نحن لا ننتظر مجرد قرار؛ نحن ننتظر تحديد مسار النخبة الاقتصادية للعام القادم. هذا ليس مجرد خبر اقتصادي، بل هو دراما جيوسياسية صامتة.

التحليل السطحي يركز على التضخم وبيانات التوظيف. لكن الحقيقة المرة، التي يتجاهلها المحللون التقليديون، هي أن تثبيت الفائدة الحالي هو مناورة براغماتية تخدم مصالح محددة، لا مصلحة المستهلك العادي. إنه توازن دقيق بين كبح جماح التضخم الذي يهدد الاستقرار السياسي، وبين دعم سوق السندات الذي يحمل الديون الحكومية الضخمة.

الرابحون الحقيقيون: شبح الديون والشركات العملاقة

عندما يقرر الاحتياطي الفيدرالي تثبيت أسعار الفائدة، فإن المستفيد الأول ليس المواطن، بل هو المدينون الكبار: الحكومة الأمريكية والشركات متعددة الجنسيات ذات الديون الهائلة. تثبيت الفائدة يعني استمرار تكلفة خدمة هذا الدين عند مستوى يمكن تحمله مؤقتًا، مما يمنح واشنطن مساحة للتنفس المالي قبل انتخابات حاسمة.

الأمر الثاني هو قطاع التكنولوجيا والأسهم القيادية. هذه الشركات، التي تعتمد على التدفقات النقدية المستقبلية الضخمة، تزدهر في بيئة تكون فيها تكلفة الاقتراض مستقرة، حتى لو كانت مرتفعة نسبيًا. إنهم يمتصون السيولة المتاحة، مما يترك السوق المحلي والشركات الصغيرة لتعاني من «الجوع المالي» الناتج عن أسعار الفائدة المرتفعة سابقًا. هذا يرسخ الهيمنة الاقتصادية للعمالقة.

الخاسر الأكبر؟ هو المدخرون العاديون الذين يرون أن عوائد حساباتهم لا تواكب التضخم الحقيقي، والأسواق الناشئة التي تعتمد على الدولار القوي، حيث يؤدي أي تردد من الفيدرالي إلى موجات خروج رؤوس الأموال. (يمكن الاطلاع على تحليل مفصل لتأثيرات الدولار على الأسواق الناشئة من رويترز).

لماذا هذا التردد هو استراتيجية وليس ضعفًا؟

التحليل العميق يكشف أن هذا الترقب المبالغ فيه هو جزء من اللعبة النفسية. الفيدرالي يدرك أن أي تحرك مفاجئ سيؤدي إلى تقلبات عنيفة. لذا، يتم إطالة فترة الانتظار (الـ "Dovish Stance") لإعطاء الأسواق وقتًا لـ **تسعير** السيناريو الأكثر اعتدالًا. هذا التلاعب بالتوقعات هو فن السيطرة على الأسواق العالمية. إنهم يديرون الرواية ليظهروا وكأنهم يسيطرون على الرياح، بينما هم في الواقع يوجهون السفينة نحو ميناء آمن لهم.

يجب أن نتذكر أن التضخم، حتى لو انخفض رسميًا، لا يزال يمثل مشكلة هيكلية تتعلق بسلسلة الإمداد والتحول الأخضر المكلف. التخفيف الحالي هو هدنة، وليست نهاية المعركة. (لخلفية تاريخية حول تدخلات الفيدرالي، يمكن زيارة الموقع الرسمي للاحتياطي الفيدرالي).

ماذا بعد؟ التنبؤ الجريء

التوقع: لن يجرؤ الفيدرالي على خفض الفائدة بشكل ملموس قبل الربع الثاني من العام المقبل، حتى لو تدهورت بعض مؤشرات التوظيف. السبب؟ الخوف من إشعال موجة تضخم ثانية (The Re-acceleration Risk) سيجعلهم يفضلون رؤية المزيد من التباطؤ الاقتصادي المعتدل بدلاً من المخاطرة بفقدان مصداقيتهم في مكافحة الأسعار. هذا يعني أننا مقبلون على فترة "ركود منخفض النمو" (Stagflation Lite) حيث تبدو البيانات جيدة اسميًا لكنها سيئة واقعيًا. (لمزيد من التحليل حول الركود، انظر نيويورك تايمز).

على المستثمرين الحذرين الابتعاد عن الأصول المضاربة والتركيز على السلع الأساسية والشركات ذات الميزانيات العمومية القوية التي يمكنها تحمل تكاليف الاقتراض المرتفعة لفترة أطول. (مقارنة مع تقارير صندوق النقد الدولي حول المخاطر هنا).